الأربعاء، 22 يونيو 2011

سفير في مواجهة ثورة


ماجد المذحجي
 يحضر جيرالد فيرستاين في الصورة العامة للحدث اليمني الحالي كسفير في مواجهة ثورة، يدير بكفاءة معركة صامتة لتجفيف إمكانية الثورة على الانتقال إلى المربع التالي، وبما يضمن تحديدا الحفاظ على المؤسسات الامنية القديمة كضمانة للمصلحة الامريكية في الحرب على الارهاب، ضمن إداء يبدوا في محصلته أن جميع اليمنيين مشتبه بهم مفترضين يُخشى من انفلاتهم وانضمامهم الجماعي للقاعدة في حال تصفية الصيغة الامنية القديمة التي تمت رعايتها امريكيا، وبالتأكيد يتجاوب مع ذلك اداء سياسي هش من قبل قيادات المشترك التي تتعامل مع الحدث الحالي ضمن الادوات والمخيلة السياسية القديمة التي انتفض اليمنيين ضد تبعات إدارتها لاحوال البلد، علاوة على كون تفاعلهم السياسي، المتردد والضعيف، مع السفير الامريكي يستعيد بشكل ساخر صورة الموظفين المحليين تحت إدارة مندوب سامي في بلد تحت الاحتلال!

قدم فيرستاين من خلفية عمل طويلة في الخارجية الامريكية يتداخل فيها الدبلوماسي مع الامني ليدير العلاقة مع اليمن ضمن اعتبارات تُرجح فيه الاولوية الامنية على السياسية، وتبعا لذلك فقد كان الموقف الامريكي المتردد منذ بداية الحدث الثوري احد تداعيات رجل ينظر لما يحدث من خلف عدسات امنية ولايرى في انعكسات الثورة سوى ماستقدمه من ضمانه لعدم انطلاق صفارات الانذار في المدن الامريكية لا ما ستعود به على اليمنيين من منافع.
في 3 ابريل 2011، أي اثناء الشهر الثاني للثورة اليمنية، القى فيرستاين محاضرة في الاكاديمية العسكرية العليا اليمنية عن دور الولايات المتحدة كقوة فعالة في المجتمع الدولي وعلاقاتها مع اليمن، أكد فيها على اعتبارات الشراكة اليمنية الامريكية ضمن اعتبارات الاخيره لاستراتيجيتها الامنية العالمية التي تأتي اليمن في قلبها حالياً، وعلى الرغم من تأكيد فيرستاين على اولويات الحوار في الحل السياسي لتداعيات الوضع اليمني، مُعرضا في سياق ذلك على مركزية تناول المشاكل شمالا وجنوبا والوضع الاقتصادي في أي حوار وحلول سياسية بين مختلف القوى، فأنه اكد في المضمون النهائي للمحاضره على مركزية الشراكة الامريكية مع "القوات المسلحة اليمنية، وقوات مكافحة الإرهاب التابعة لها ،  وأجهزتها الأمنية"، وهو الامر الذي يكثف الاولوية السياسية الامريكية الحالية الذي يسعى السفير لضمان أن لا يمس المسعى الثوري اليمني الحالي بها.
تدفع اليمن إذا ثمن مخاوف امنية لرجل قدم من معركة ملتهبة في جبال باكستان ليدير معركة شبيهة في جبال وصحاري اليمن، ومنذ قدومه في 2010 دشن حضورا شخصيا عاصفا تجلى فيها رجل يجيد التقرب إلى مختلف الاطراف الوطنية السياسية والمدنية متخلياً عن الصورة المتخفظه للرجل الدبلوماسي، وذلك ضمن منطق بناء قاعدة تأييد واضحة للدور الامريكي المتصاعد في الحرب على الارهاب في اليمن، وعلى الرغم من كون اول مؤتمر صحفي للسفير الامريكي الجديد حينها عقد في نقابة الصحفيين اليمنيين إلا ان هذا السفير لم يتردد في مواجهة اعضائها في معركة حرية الصحفي عبدالاله شائع حيث لعب دورا مركزيا في إبقائه عرضه للاعتقال والانتهاكات لحقوقه  دون تردد مرجحا المصلحة الامنية الامريكية التي يتبع اولويتها على اولوية القيم الديمقراطية الامريكية المصدرة كشأن لصيق بحملة امريكا لتحسين صورتها في العالم.
كثافة الحضور الامريكي في التداولات غير المعلنة لمصير الثورة اليمنية بين القوى السياسية الوطنية، وبالشراكة مع الفعل السعودي المهيمن محلياً، يثير المخاوف لكون الفاعل الرئيس فيه سفير امريكي ماكر يجيد مداهنة السياسيين وإثارة مخاوفهم، ويتعامل مع الثورة باعتبارها شرا لابد منه يجب التعامل معها بحذر كي لاتفسد المصلحة الامنية الامريكية في جعل اليمن الفصل الاخير من مسلسلها الطويل في الحرب على الارهاب.
نشرت في صحيفة الاولى اليومية

هناك تعليق واحد:

  1. محمود لبابيدي4 أكتوبر 2011 في 5:13 م

    ماجد المذحجي الصديق القديم المتجدد دائما .أنا في غاية السعادة والشوق لعودة التواصل بيننا وخاصة في تلك المرحلة التاريخية التي تمر بها منطقتنا وهذا الربيع العربي المشرف الذي لطالما انتظرناه ... ألم تشتاق الى سوريا ؟؟ ألم تشتاق الى سهراتنا ؟؟ الى أفراحنا البسيطة ... هاك يا صديقي بريدي الالكتروني وأتمنى أن تصلني منك اضافة abourayan1@windowslive.com وهاتفي الجوال 0941547265 صديقك محمود لبابيدي ..حلب سوريا

    ردحذف