الثلاثاء، 12 أبريل 2011

الجنرال في معركته الاخيرة


ماجد المذحجي
يلتقط اللواء علي محسن الاحمر دوما اللحظة السياسية متنقلاً بسلام من مرحلة إلى اخرى، ومرورا بمرحلة مابعد الحمدي، والوحدة، وحرب صيف 94، استطاع دائما ان  يكون الرجل القوي في الظل بايديولوجية "اسلامية" متماسكة ورصيد قبلي قوي وشيك مفتوح من موارد الدولة علاوة على ولاء عسكري مطلق من فرقته،  معززاً صورته كواحد من اخر الناجيين من حقبة الجنرالات العرب الذين يتعاطون السياسه باحتراف ويصنعون التحولات المتصلة بها.

شكل الرجل انطباعا داميا عنه في الكثير من حقب السياسة اليمنية كاداة بطش حاسمة لاتقبل التفاوض فيما يتعلق بصيانة السلطة من القلاقل والخصوم، ذلك كان حاضرا في مرحلة الدم العاصفة التي ميزت حروب المناطق الوسطى تجاه الخصوم اليسارين انذاك والذين تم استهدافهم بالاعتماد على قاعدة تحالفه الراسخة مع القوى الاسلامية وضمن تفويض واسع من علي عبدالله صالح لاقتلاعهم وضرب حاضنهم الاجتماعي بقسوة.
اعاد علي محسن انتاج تحالفاته القديمة في حرب94 ضد الحزب الاشتراكي والجنوب، التي هي ذاتها تحالفات علي عبدالله صالح وان ميزتها الانتهازية فيما يخص صالح بينما تميزت بالرابط الايديولوجي الوثيق فيما يخص محسن، وكان الاسلاميين والقبائل من قواه الضاربه في هذه المعركة المصيرية، التي كان صاحب قرار رئيسي في المضي بها، لحماية صيغة النظام الذي كان احد اهم من بلوروها على هذه الشاكلة.
في صعدة جدد الرجل معركته في الدفاع عن النظام في واحده من اسوء اخطاءه الاستراتيجية، وتورط في حروب مفتوحة ضد الحوثيين، وانزلق بمعارك ضخمة عسكريا واجتماعياً كان احد اسوء مضامينها اتسامها بنبرة طائفية تمت تغذيتها من ايديولوجيته ومن انتهازية النظام ككل الذي يوظف اي معطي لاوطني ضد خصومه، وادت هذه الدورات من الصراع في صعده إلى استنزافه عسكريا مما يهدد ضمانته الاساس كرجل قوي في مواجهة شريكه علي عبدالله صالح خصوصاً بعد تنشيط مخططات التوريث الذي كان يقف ضمناً كعائق امامها ضمن اعتبارات الشراكة في صناعة هذا النظام.
تبدوا معركة "الثورة" اخر معارك الجنرال الكهل واخطرها حيث يدافع فيها عن نفسه في مواجهة تغييرات عاصفة استيقظ فيها المجتمع باكمله ضداً على النظام واضطر فيها إلى التضحية، بمستوى ما، بموقعه كشريك اول في نظام اتضح له انه يتهاوى، ليمد يده، ببراجماتيه عالية، نحو كل الاطراف التي كانت يده ذاتها هي من ضربتهم بعنف سابقاً، تساعده في ذلك الضمانة التي يقدمها شركائه التاريخيين في الايديولوجيا "الاصلاح" كطرف رئيسي في المعادلة القادمة ما بعد صالح، حيث انشغل هؤلاء بحماية تحالفه مع التغيير القادم وتسويقه كـ "مخلص" للثورة، واقفين بحسم وحده ضد أي مشكك فيه أو متضرر منه.
يجد الجنرال قبولاً لدى كل القوى التقليدية التي ترى فيه ضمانة ضد ان تعصف الثورة بكل ما اكتسبته في المرحلة السابقة ولذلك التحقت عقبه بها، افراداً ومجموعات، على قاعدة هذه الثقة وربما "التعهد" بالحماية من تطرف الثورة التي يجب ان تبقى ضد علي صالح وافراد عائلته المباشرين فقط وليس ضد صيغة النظام كلها وفقاً لهذه القوى التي تجد تعبيراتها في صيغ قبلية واقليمية، لذلك يبدوا مهما بالنسبة للسعودية حضوره في المرحلة القادمة كبديل مباشر او كضامن، ولذلك من المهم له ان يتجاوب هو، كما اعلن، مع المبادرة الخليجية "المعدلة" ويحث القوى السياسية على عدم تفويت الفرصة التاريخية التي تضمنتها هذه المبادرة الذي صاغها هو بمعية صالح ليعيد تصديرها للمشهد السياسي عبر الواجهة الخليجية متعهدا بالضغط على "اللقاء" المشترك لقبولها، وهو مايسعى إليه بشده بعد ما اضطر شركائه الرئيسين في الاصلاح لرفضها خشية ان ينفجر المشترك بعد ان ابدى ياسين سعيد نعمان وشباب الثورة رفضاً واضحاً لها.
يناور علي محسن الان في المربع الاخير لرحلته كجنرال مخضرم، وعلى الرغم من تعهده في بداية انضمامه للثورة بحمايتها فقط وعدم الوصاية عليها، إلا ان اكراهات التاريخ والدور والتحالفات تجعله يتحرك بالضرورة ليكبح جماحها ويعمل على ترشيدها ويخفف من الخسائر التي قد تلحقها بنظام هو احد اهم الذين قاموا ببنائه والدفاع عنه طوال تاريخه.
نشرت في صحيفة الاولى

هناك 19 تعليقًا:

  1. مدونة ملدعة جدا تلخص لنا حياة هذا الجنرال.......

    وتوضح لنا حقيقة معدنه ,,, ولون جلده اللي يتغير مثل جلد الحية ,,, واتجاه مركبه الذي دائم التغير مع كل موجة تنير له بالمصلحة ........

    صحيح بأن انضمامه للثورة يغفر له الكثير ولكن يجب ايضا بأن يحاسب وبأن نعي جميعنا بأن انضمامه لنا لم يكن نابع عن قناعة او محبه وانما لخوفه من الحساب العسير الذي ينتظره .........

    وان كان فعلا حامي لصورتنا فلماذا لا يحمي شباب تعز الذين يقتلون او شباب عدن؟؟؟؟ ام ان الثورة فقط في مذبح!!!؟؟

    ردحذف
  2. ياليت يختم دمويته التي ذكرت برأسك رأس أمثالك من السافلين الذين يريدون طمس هوية المجتمع الاسلامية

    ردحذف