الجمعة، 26 أغسطس 2005

لاشيء حزين الليلة


ماجد المذحجي
لاشيء حزين الليلة ياحبيبتي، فقط الشوارع صارت اكبر في صدري، ووجهك ميت، وانا ادحرج ما تبقى منك إلى النسيان. نعم، بداخلي الان الكثير من الليل، واغنية مجهدة عن الحب، وكلام كثير تآكل قبل ان نقوله لبعضنا.
تُرى هل يجب ان ارتجف اكثر لأصدق ان السفر يأكل من نحبهم ولايترك شيء لنا، وهل اترك اصابعي لتموت في البرد الحزين مثلما مات صوتك في البعيد هناك. كل شيء الان ازرق ويذكرني بالوداع. الشبابيك مفتوحة على جثة شاحبة كأنها قلبي، وانا اهش الوعود التي تبادلناها لتلحق بك في النسيان. صوتي ثقيل وغارق في البكاء ولاشيء اقوله كي اقفل الباب على ظلك الاخير واستريح. 
لست ارثيك، ولكنني اشيع الايام الناعسة، واوقاتنا المسروقة، وتلك اللحظات التي كنت تتسللين فيها من الباب قبل ان اضمك وانت تبكين. اتتبع صوتك الغاضب الذي ترك خدوشه في كل مكان بقربي، وتلك العتابات التي تبادلناها قبل ان نعود لنغفو مع بعضنا. واتذكر تماماً كيف كانت عينيك صافيتين وغارقتين بالحب.
يغفو كل شيء الان ولاعزاء للعاشقين في قصص الحب، لذا ساترك الحنين عارياً في شارع غريب، وسانزع رائحتك من ثيابي وجلدي، وساغسل رأسي من صوتك وملامحك، وافتح الشبابيك لكل الذكريات لتذوب في الريح.
هناك شيء تالف في صدري، والخطوة التي كانت تدلني إليك تركتها ميته على الطريق، ولم اعد اتذكر صوتك وهو يبكي، وماذا كنت تلبسين، أو كيف كنت تدخلين من الباب، ووجهك كيف يصبح حين تضحكين. لم اعد اتذكر لون عينيك، او كيف تسرحين شعرك، واصابعك كيف كانت تنام في كفي، وماذا تفعل قبلتك في روحي، لم اعد اتذكر شيئاً يخصنا، وكل الذي كان يقربنا من بعضنا تركته في الخارج لينتهي معك.
نعم ياحبيبتي احتاج  لان ارى صدري مفتوحاً للهواء وخالياً منك!
بالتأكيد العالم مكان فارغ منذ ذهبت، وانا رجل وحيد يطارد اشباحه، وما تبقى من روحة، وكل الذي كان عليه قبل ان يغرق في الحب. سينقضي ذلك، وسيهلك العشاق في الخيانات الانيقة حين لا يكفي أي شيء لتبرير الاستمرار قرب بعض. ربما ساحب دور الخاسر، وحيل الحزن، واخر رسائلي لكِ، والبكاء قرب كاس ناقص في الوقت الاخير. وربما تنتهين في تأبيد خذلانك من رجال لايفهمون شيء عن الحب، وتذكير نفسك باستمرار انك امرأة تحتاج للاطمئنان، ولاتنام إلا وقد مضغها الحزن.
لاشيء حزين ياحبيبتي ولكن ذلك ما تبقى للعاشق: التمشي قرب قبرك في صدره حيث دفن كل شيء وبكى كثيرا.