الأربعاء، 10 نوفمبر 2004

المشاهد التي يُمكن أن أنتبه لها للحظة


ماجد المذحجي

معطفي الذي تحبين تركته لدى امرأة أخرى
هل تعتقدين أنه من المناسب الأن أن نتفق على أنك كنتِ تكرهينه جداً؟؟!!
هكذا ببساطه...
فربما بهذا ستتعادل رغبتنا المواربة بالتعمية على الموضوع، مع رغبتنا بالاستمرار مع بعضنا.
وهكذا أيضاً، سنجد مبررات للاستمرار في اقتسام السجائر والنقود وتذاكر النقل العام.
وستنامين بجواري دون أن تستهلكي الوقت على السرير بالتفكير بأسباب تركي للمعطف الذي تحبينه لدى امرأة أخرى!!!.
****
صديقي الذي يجبرني - بشكل ما - على التعلق عاطفياً به
يستطيع باستمرار إثارة قلقي في موعد محدد بالضبط!!.
وهو الموعد الذي اعرفه جيداً ولا أستطيع أن أتجنب ارتطامي المتكرر به.
هذا القلق الخفيف والذي يلقي به نحوي دون تكلف وبرشاقة ملفتة، يأتي حاداً للغاية. بحيث تستطيع أن تمرره على الهواء المحيط بك وتقطعه بخفه بالغة....
طبعاً، هذا الصديق المميز بإصبع ضخمه في قدمه اليمنى، والذي يستبق إثارة قلقي بهذيان نشط كقرد صغير، هو الوحيد الذي يستطيع امتصاص تثاقلي اللزج. وهو الوحيد أيضاً الذي يدهن ملله بمبررات طُفوليه جداً، ويكتب قصص جميلة للغاية لا يتمكن من إكمالها أبداً!!.
****
لم تكن الخدعة في أن قبلتها غير جيده فقط، ولكنها تذكرني تماماً بقبلة أمي....!!
المزعج في المسألة أيضاً، أن ذات هذه القُبلَة التي لم تروق لي، ارتكبتها شفاه جميلة للغاية ومزينة بعناية بـ (الروج )، وأنها ذاتها الشفاه التي لم أستطع تقبيلها لفترة طويلة بدواعي التحفظ....
سيكون عليّ إذاً أن أتردد طويلاً قبل الإقدام جدياً على إقامة علاقة مع امرأة تمتلك شفاه جميلة، على اعتبار أنه ليس مؤكداً أنها ستمنحني قُبل جيده تبرر صبري الممل على تحفظها المفترض.
****
الرسائل التي تصل إلى موبايلي بعد انتهاء الرصيد لا أستطيع سوى أن أركنها بإهمال في صندوق الوارد. وإذا كانت جيده كفاية، سأستطيع أن أضمها إلى حافظة خاصة غير مهددة بحذف مفاجئ نتيجة إطلاق موبايلي لتنبيه مكتوب في شاشته الملونة ينبئك فيه بأنه لا يوجد مكان لرسالة جديدة. وهو الأمر الذي يشعرني بالحقد على ماركة موبايلي المتخلفة بالمقارنة مع الأجيال الجديدة التي يُعلن عنها دوماً.
****
الغيظ مني الذي يُفصح عنه صديق لا التقي به إلا نادراً، ويخبرني عنه باستمرار في رسائله، لم يعد مهماً أو حتى مزعجاً لي الأن، بافتراض أنه يجب عليّ أن أتفهم احتياجه للتعبير عن انزعاجه مني بالطريقة التي ستكون مناسبة لدفعي إلى تربية لا مبالاة متماسكة للغاية.
هكذا يمكنني دوماً ترك مساحة معلقة بيننا تتعادل فيها الانفعالات وتتلاشى ببساطة!!.

نشرت في جسد الثقافة

الثلاثاء، 26 أكتوبر 2004

إرتباكات العزلة والفضيحة


ماجد المذحجي

أنا ابن الزرقة المميتة والشهوات التي لاتحد
وطني حيث أنام متلفعاً بجلد امرأة ومليئاً بروح قدح.. وقيامتي تكون حين اكتشف موطناً جديد للشهوة وعيناً مفتوحة على الخراب.....
دموعي لا تجف وحنيني لا ينطفئ.. قلبي ثقبته الحاجة.. وروحي تزوجت بكلاب البراري
لاشيء يشبهني.. وكلي أصير نهماً حين أكايد ظل الله والنساء اللواتي يتمشين بقرب شهوتي
أخاف من الحشرات والعسكر واللوطيين
أخشى العطاله والقصائد السيئة والنساء اللواتي لا يمنحن القبل .. و أتجول فارهاً في البلاد التي تخشى الغناء والحب وتقايض الليل بفضائح الشمس
ثمة ما يربكني دوماً :
الملابس الداخلية المنشورة على حبال الغسيل.. العاشقات الصغيرات اللواتي يطبعن شفاههن في الرسائل.. الاحداق التي تتلصص على الخطى التي تتمشى في الكلام.. الروائح التي تتزاحم في قلوب الميتين.. ونكهة الجسد بعد ممارسة الجنس......
أربي الظل في داخلي.. وأقيم للنسيان استراحةً في رأسي. اصطاد الهواء والأدخنة وعلب الصفيح.. واكنس عن وجه السماء الأدعية السخيفة ومطالب المؤمنين بمقشة السخرية. أراود نفسي على الوشاية وعلى رش الملح فوق جروح أصدقائي واستمتع برؤيتهم مخذولين أو غارقين في الحب. تفتنني الريح حين تشتهي تطويح الكلام بعيداً وترفع الفساتين الطويلة و أكون حيث تكون اللوعة والخسارة والبشر الذين يراودون السر على أن يُفشي ما يخبئه..
كلامي كثير.. وطلقتي تنفذ في الرحم.. أوشك على اقتراف الجنون وامشي حافياً على الخط الأخير من التهذيب والكلام الطري. لاشيء امنحه وردة التصالح.. واسرق من العطر بهجته ومن الروح رغبتها الأخيرة. احني شجرة الوشاية في صدري كي لا تثمر.. واحرث طين الفتن كي لا ينبت الشوك في زرعي.
لاشيء اعلق عليه اعترافي.. وكفايتي الطين والرماد.

***
لا شيء يخص الصوت الذي يجيد افتعال مواعيد تركتها معلقه في الفضاء.. لا شيء سوى الكلمات التي تتعثر بشرود متكاثر ورصاص ثقيل يسد المنافذ.. لاشيء سوى خابيتي التي لم استطع ملئها.................

***
ثمة أحذية لم تعد تكفي لكي أتناول الشوارع في المساء الذي يقذفني غريباً .. ثمة غرباء يمرون بارتباكي البارد.. يتناولون قدح من الويسكي مع أعصابي التي توقدها القناديل الوحيدة.. وليل لا يرتكب سوى العشق وتربية الأحلام.كم من الأشياء إذاً بحاجة لأن أعيد تربيتها في طين جديد.. كم النساء بحاجة أنا لكي ألوث كلامي بطراوة بدأت افقد انتباهها لي. شيء ما يقف خارجاً وينتظر الفرص التي خسرتها.. يتربص بكفايتي و يلقيني مثقوباً باتجاه النعاس والشهوات التي فقدت حرارتها. شيء ما لا يكف عن إثارة الغبار في الخطوة التي تريد الوصول.. يدعك جلدي بالخيانة ويملأني بالطفح.

***
عطشٌ هو الذي علقته على حكاية ترفض أن تقف.. مكسور هو هذا الذي يداعبك من خلف معطفه ويريد أن يبتسم. صوته مبحوح وقلبه يقظ.. و النوارس لا تكف عن التساقط ميتة في كوابيسه.

***
الظل هو ما خبأته الحجرة الرطبة في عظامه قبل أن يحمل حقائبه باتجاه النسيان.. حمله طويلاً معه.. لم ينتبه. كان هناك شيء يتربى في العظم تماماً.. شيء يكبر خفيةً عن لحمه. يشرب ما بداخله قليلاً قليلاً وهو يمد شروده طويلاً في الطرق التي تمتد خفيةً من الله.
كان الظل يربي حنينه لشيء يشبهه.....
كان الظل يمتد كالسرطان وينهشه حين يمد قدحاً أو حين يقبل امرأة.....
كان الظل يأكل انتباهه ويفترس قلبه من الداخل.....

لم يعد هناك شيء.....
حين وصل إلى أخر الحكاية التي مد خطوته فيها.. كان هزيلاً تماماً.. كان الظل يتلصص من كل الثقوب التي في جسده. كان يُسرب سخريةً لزجه.. كان بُخارها يتصاعد كلما تمددت اكثر في المكان. كان الجو حامضاً .. وكان هو يذوي في ارتباكه قبل أن يغفوا تماماً في قماشٍ رقيق.

***
ليفعل ذلك من يستطيع:
أبناء السبيل والسحرة والأمهات اللواتي فقدن أطفالهن.. النصوص التي خسرت الانتباه.. القبل التي تُركت ناقصة أو معلقة كالندى على العشب.. الحنين الذي يدير الرأس ويثقب القلب.. الأصدقاء الذين ينشغلون بخيانات أصدقائهم.. والوجع الذي نخلفه في قلب امرأة لا تجيد سوى الحب.. الهواء الساخن .. ودخان الشاحنات في الطرقات الإسفلتية.. مصابيح الشوارع التي تُضاء لكي يمر العابرين.. والعشاق الذين يرتبكون قبل أن يتلامسوا .. من علقوا الياسمين فيما بينهم.. ومن تبادلوا النميمة والجنون................

ليفعل ذلك من يستطيع وستنظره خارجاً.. ستمد له الكف التي كدت أن تفقدها وأنت تجمع أعضائك في الرحلة الأخيرة.. ستبتسم قليلاً وتربت على كتفه أيضاً.. ستحاول احتماله لفترة إضافية ثم ستعاود انشغالك بقضم أصابعك والتسلي بقصائد سيئة طبعت جيداً.

***
الفتاة التي تُخضب الوقت بريقها وتمد الفصول في شرفتك..هاهو الغيم يسرق عطرها وهاهي تتسرب في دخان طائش...........

نشرت في جسد الثقافة