الاثنين، 21 مايو 2012

إغتصاب في صنعاء


ماجد المذحجي
يُمكن بسهولة وصف الاستجابة الاجتماعية لجريمة الاغتصاب البشعة التي حدثت الاسبوع الماضي في منطقة عصر في صنعاء بالمخجلة. سبعة افراد تناوبوا على اغتصاب طفلة يتيمة الأم تبلغ من العمر 13 عاما ليوم كامل بعد اختطافها صباحاً أثناء ذهابها للشراء من محل في حارتها، وهم جميعاً من أبناء حارة الطفلة، ومن ثمَّ ألقوا بها ممزقة ومنتهكة حتى العظم دون أن يثير ذلك ردود فعل غاضبة أو يُحرك الرأي العام.
يكشف ذلك تماماً عن القسوة التي أصبحت تُعرّف اليمني وتجعله دون مشاعر أو ردود فعل أمام واقعة بهذا القدر من البشاعة والعنف واللاأخلاقية، وعن غياب كامل للحساسية لدى كل الأطراف التي يُفترض أن تكون معنية بهكذا جريمة، ليس ابتداءً بمؤسسات إنفاذ القانون من شرطة ونيابة، وليس انتهاءً بالطبع بالمنظمات الحقوقية أو الصحافة أو المجتمع، ليتحول الجميع هنا إلى تجمهر كبير من شهود الزور الذين يشيحون النظر عن طفلة فقيرة ومغتصبة في مواجهة عصابة كاملة من المغتصبين يحظون بالحماية النافذة من مراكز عائلاتهم التي يقال إنها تتوزع بين شيخ وقاضٍ وغيره، وما يزالون يتجولون في العاصمة بحرية، مهددين حياة وسلامة طفلات ونساء أخريات، بينما تقبع الطفلة في المستشفى تُصارع الموت نتيجة فداحة ما تعرضت له. والد الطفلة هو الآخر مُلقى في السجن لم يجرؤ على تقديم بلاغ في مواجهة المعتدين خشية نفوذهم وخشية وصمة اجتماعية قد تلحق بها نتيجة الجريمة.
إن ذلك فادح حين يتجول المجرمون في الشوارع بحرية، بينما تقبع الضحية في المستشفى ووالدها في السجن، ويكون ذلك أسوأ مرات عدة، حين تُصبح الضحية مُدانة بسببب خشيتها من المجتمع ووصمته، وهكذا تُصبح ذات الضحية منتهكة مرتين؛ فعلاوة على الاعتداء بشكله الجسدي المباشر فهي تصير عرضة لاعتداء مجتمعي مستمر يُلحق العار بها لكونها اغتصبت، ويجردها من الحماية والدعم في مواجهة ما تمر به.
تمر هذه الجريمة بسهولة مروعة حتى الآن، وباستثناء مظاهرة محدودة نفذها عدد من النشطاء والصحفيين تجمعوا أمام وزارة العدل ومضوا في مسيرة باتجاه مكتب النائب العام لتوجيه بلاغ بالواقعة، فإن الحياة تمضي بشكل طبيعي في صنعاء، ويُمكن في ظل هذا الصمت حول ما حدث أن يفاقم من المأساة، حيث يُمكن اللجوء كما هو مُعتاد إلى أخلاق التسوية الرديئة، والإنتهاء بالامر نحو تزوير وقائع الاعتداء ونفيها من خلال شهادات طبية ملفقة تنفي واقعة الاغتصاب، أو ممارسة إكراه شديد على والد الطفلة للصمت على ما حدث لها، أو بالكثير القيام بوساطة قبلية تتضمن التعويض والتهدئة، وربما مُفاقمة الأمر على الطفلة وتزويجها على أحد الجناة بغرض الستر، وهكذا تُدفن القضية بهدوء وتدفن معها كرامة هذا المجتمع وأخلاقه وما تبقى من كرامة لليمني.
بعد أكثر من عام من الثورة، يُفترض فيه أن اليمنيين خرجوا إنتصاراً للكرامة قبل كل شيء، يبدوا ألاّ شيء تغير، وحين تصبح واقعة اغتصاب بهذه القسوة حدثاً عادياً لا يهز أحداً، فهذا يعني أن اليمنيين خسروا معركتهم من أجل الكرامة، وأن هذه الثورة فشلت في إعادة الإعتبار لحساسية اليمني وأخلاقه وإحساسه بالتضامن، وأن لديه كرامة تستحق الوقوف والدفاع من أجلها، وتصبح تضحية مئات الشهداء في مواجهة الظلم والانتهاك فعلاً مجانياً لم يؤدِ إلى شيء.
نشرت في صحيفة الاولى اليومية
http://aloulaye.com/index.php?option=com_k2&view=item&id=2313:0000-00-00%2000:00:00&Itemid=88&tmpl=component&print=1

هناك 12 تعليقًا: