الاثنين، 25 أبريل 2011

القضية الجنوبية الان وما بعد صالح...


ماجد المذحجي
يدير الدكتور محمد حيدرة مسدوس المعركة من اجل الجنوب بذهنية تقع خارج الحدث، وضمن موقع متعالي وإلغائي للمختلف يصبح فيه، وفق ارائه ومنطقه الذي افصح عنه بمقالته في صحيفة الوسط المستقلة بتاريخ 20 ابريل، أي ناشط جنوبي التحق بالثورة الشعبية ضد نظام صالح مشروع "خائن" كونه اهدر الاولوية الجنوبية، ليتصعد المزاج العنيف لديه في حديثه عن عدن "المختطفه" من قبل الثورة والتأكيد على ضرورة حمايتها منها، أي من الثورة، وبلغة تحريضية يُصدر دعوة عنيفة، للعدنيين ونشطاء الحراك وكافة الجنوبيين، لفصلها عن ما يحدث من ثورة في المحافظات الاخرى، واتهام أي "عدني" لا يعمل على ذلك بكونه "عدو" ويجب نبذه! طبعاً مع تأكيده اليقيني على وجوب التمييز العرقي اثناء وصف ابناء عدن المعتصمين في ساحاتها، حيث هم بالضرورة، بعد تفتيشه في اصولهم وهوياتهم، من "اصول شمالية" أو على الاقل من "جياعها"، كل ذلك بلغة "سلفية" مليئة بالعنف والاقصاء والتعالي والتعميم، تظن أن كل ما حدث ويحدث على الساحة الوطنية هو مجرد لعبة على الجنوب واهله، وترى، على سبيل المثال، في ستة حروب في صعدة، ارتكب فيها نظام صالح جرائم واسعة، مجرد محاولة للتحايل على القضية الجنوبية ودفنها، كما ترى أيضاً في كل هؤلاء الشهداء الذين يتساقطون الان شمالا وجنوباً في مواجهة الاستبداد والديكتاتورية مجرد شهداء شمالين.

هذا الاداء من مسدوس غريب وعدائي، ولايتسق مع رجل براسماله السياسي، ويفصح عن انعزاليه غريبه تريد الرحيل بالقضية الجنوبية نحو جزيره مهجورة بانتظار أن ينقضي الامر باعتبار كل ما يحدث هو مؤامرة عليها!
 لست في الصدد التفصيل في الرد على مضامين ما اورده من مسدوس في مقاله، ولكن يهمني التأكيد على الاصل التأسيسي للقضية الجنوبية في الثورة اليمنية الحالية، وكونها جذراً مهماً لمختلف الازمات السياسية التي عصفت اليمن. علاوة بالطبع على حقيقة الدور التأسيسي للحراك الجنوبي منذ 2007  في إشعال جذوة ما يحدث الان، والتأكيد على ضرورة ان تحتل القضية الجنوبية الموقع المركزي في النقاش الوطني ما بعد رحيل صالح، ضمن افق من التداول السياسي ينفتح على كافة الخيارات التي تستجيب للتطلعات الجنوبية في الاعتراف بالقضية بشكل واضح ولالبس فيه وبما يحقق حلا مرضيا للجنوبيين.
بالتأكيد إن اي حديث غير مسؤول عن كون القضية الجنوبية ستنتهي برحيل علي صالح هو حديث يتعالي عن حقائق في الارض ويهدر الفرص في التعامل مع هذه القضية بشكل حقيقي، على قاعدة أن هذه الثورة قامت لرد المظالم وانصاف اصحابها لا للتحايل على حقوقهم، علاوة على أن في ترديد هكذا جملة ما يستدعي الاستنفار والقلق لدى النشطاء الجنوبيين، حيث كان انكار القضية الجنوبية بالنسبة لهم موقفاً غير حصرياً بصالح واركان حكمه فقط، بل امتد لاطراف وطنية اخرى بعضها في المعارضة وتحديداً في التجمع اليمني للاصلاح، ولذلك ستتسم الردود على أي جمله ضمن هذا المحتوى بحساسية عالية من قبلهم يُمكن تفهمها.
من موقع اخر قدم المهندس حيدر ابوبكر العطاس تصورا مختلفاً للقضية الجنوبية يتسق مع اداءه المعلن كرجل دوله برجماتي يستجيب للوقائع على الارض ويتعامل معها بحس مسؤولية عالي، وبما يضمن مركزية القضية الجنوبية في مرحلة ما بعد صالح.
عبر العطاس عن ذلك في لقاء متلفزين الاول مع قناة العربية والاخير مع قناة الحرة، وهو الاهم أي الاخير، افصح به عن دعمه لخيار الثورة الشعبية السلمية كضرورة لاسقاط نظام صالح المسؤول عن الكوارث الوطنية ليقدم  تصورا، اظنه معقولا، حول ملامح الحل للقضية الجنوبية اعتماداً على الصيغة الفيدرالية، بحيث تعاد صياغة شكل الدولة اليمنية الجديدة على اساس اقليميين جغرافين، شمالي وجنوبي بما يحول دون الغلبه العدديه، مع وجود حكومة وبرلمان لكل اقليم، وتشكيل مجلس رئاسة ثلاثي مكون من رئيسي الاقليمين والرئيس الاتحادي علاوة على حكومة فيدرالية وبرلمان فيدرالي، كل ذلك يتخلله نظام حكم محلي كامل الصلاحيات.
تصور العطاس، اياً كان تقييمه، هو في محصلته تصور سياسي قابل للنقاش ضمن الدائرة الوطنية الواسعة بخصوص القضية الجنوبية، مع ضرورة الانتباه لاولوية الانصات، والتفهم، لمختلف تصورات الاطراف الجنوبية، والتأكيد على كونهم الطرف المعني بشكل اساسي كونهم اصحاب المظلمه والحق لاغيرهم، ولايمتلك أي طرف الحق في القول بانتهاء القضية الجنوبية باعتبار الثورة الحالية تجب ما قبلها، ففي ذلك إعادة انتاج للاستبداد والقهر والالغاء الذي انتفض اليمنيين، والجنوبيين إبتداءً، ضده.
نشرت في صحيفة النداء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق