الاثنين، 11 يناير 2010

عن الضعف والمسرة والذكريات التي تشيع الوهن

ماجد المذحجي
التواطئ مع الحنين مسرة شخصية يصعب تجنبها او التخلص منها، حتى لو رتب ذلك مزالق مربكة في الذاكرة مع بشر لم يعد بوسعهم احتمال الاستيقاظ المفاجئ لمشاعرك بعد رتبو حياتهم خارجها. في لحظة تعتقد ان بامكانك ببساطة تعقيد حياة نساء احببتهن واحببنك سابقاً، فقط لكونك هناك حنين يُلح عليك لتستعيد مكان كان يخصك قربهن للحظات، لتشعر بالتوازن والرضا ربما، او لتخبرهن عن اشياء افلتت عليك سابقاً وتعتقد ان الامر يستحق ذلك دون ان تلقي بالاً لاهتمامهن بك اساساً.
يكشف تواطئك المستمر مع الحنين عن الكثير من الاشياء التي لم تُستنفذ بداخلك: مشاعر لم تشبع منها ربما، قبلة تركت ناقصة مع فتاة لم تكن تحبها بشكل كافي، وحتى مشوار لم ينتهي كما يجب لانك لم تكن تشعر بالثقة بنفسك. الحنين يتغذى على الاشياء الناقصة، وعلى شرهك الشخصي الذي يفسد النهايات الجيدة ويترك كل شيء معلقاً باستمرار.
ربما يتعلق الامر أيضاً بعدم قدرتك على ترك الامور تمضي في ما اصبحت عليه بعيداً عنك، وكأن الامر ينال من تقديرك لذاتك التي يجب ان تدور الاشياء حولها في أي وقت شئت.
يبدو الامر هكذا متعلقاً بنرجسية فاسدة تخصك، ولكنه ليس كذلك كلياً، فتقدير كهذا يدمر تواطئك مع الحنين الذي تحبه وتتعلق بكل شيء يخصه: الوهن المحبب الذي يبعثه في عظامك وانت تستعيد ذكرياتك. جراءتك على التفتيش عن اشياء اخفيتها لتستمر قدماً بالحياة. والضعف السري والدامع امام الوجوة والموسيقى والرسائل القديمة.
الامر بالنسبة إليك يخص ملئ رئتيك بالهواء واكتشاف كم كان ممتعاً الرجل الذي كنته! يحدث ذلك باستمرار لان ما انت عليه لم يزل بعيداً عن الرضا، ولان هناك مايحدث باستمرار ويضعك في اماكن تقربك من الحياة التي تحب صورة اخرى لها.
ذلك الفاسد الذي بداخلك سيطل برأسه الصغير دوماً ليخبرك عن ان الصرامة ليست حلا لتجنب وهنك امام الماضي، وسيكون الامر اصعب على الدوام لان ما يجعلك حزيناً ومرتبكاً هو ذلك الحبل السري بين قلبك ونساء غادرتهن قبل الاوان. ولان الحنين هو المكان الذي تلوذ به لاعادة ترتيب ملامحك قبل الانتقال لخطوة اخرى لاتعرف تماماً اين ستصبح بها.
كل ذلك مرهق بالتأكيد: التواطئ مع الحنين، وتبريره، والتمسك به، والرغبة بالتخلص منه، وتفسير مشاعرك كل مرة لكي تصالحها مع الذكريات والذين هجرتهم وهجروك. لهذا أيضاً يبدو الحنين ملاذاً قلقاً، ويعيد تكييف العالم باكملة للحظة ما كي يصبح ملائماً للضعف الذي تحبه وتخشى ان تواجه به نفسك والاخرون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق