السبت، 7 نوفمبر 2009

ما يتبقى من رجل وامرأة


ماجد المذحجي
لاشيء يبدوا أكيداً ويسمح له بالاطمئنان، على الأقل أن مايحدث لن يكبر أكثر من اللازم. إصراره على التماسك أمام غضبها وعدم الرد عليها هو الوسيلة الوحيدة ربما لتجنب تطور الأمور بينهما نحو الاسوء كما اعتقد للحظة على الأقل. يحول نظره نحو مشهد محايد بالقرب من كتلتها الغاضبة، ولكن وجهة يصبح مرآة تشاهد فيه كل كراهيتها: لاشيء يبعث على الغضب أكثر من الحديث عن المغفرة حين تكره المرأة رجل كان حبيبها، وما هو ثقيل أكثر من الكراهية هو الذكريات بين حبيبين يوشكان على ترك بعضهما، تُصبح قطعة واحدة مصمتة، باردة وقاسية، ولاتفعل سوى ترك كل شيء محطماً حولها حين تصبح تأكيداً، لأحدهما على الأقل، على الإحساس بالخديعة.
مضى كل ذلك، انهمكا في الحياة وأصبح كل شيء يومياً أكثر
مرت سنه، اثنتان، ثلاث، أربع
مر الوقت...
ربما تأكدت تماماً عقب ذلك بأنه كانت خدعتها الطويلة، ولم يحاول هو أن يدافع عن نفسه. الفاصل بينهما الان هي بلدان عديدة وشتاءات كثيرة استيقظا فيها بعيداً عن بعض، ولاشيء مؤكد عن الحب الذي كان، على الأغلب انه أصبح سبباً للكراهية فقط.
حين تبادلا الحديث لمرة وحيدة بعد كل تلك الفترة كان بالقرب منها صدفة، في تلك البلد البعيدة التي احتمت بها طويلاً من الذكريات كلها. اخبرها انه في مدينة قريبة منها برسالة على الموبايل ولم يكن أكيداًَ من شيء. اتصلت، ربما كنوع من طمأنة النفس على أنها تخلصت منه، ولكنها بالتأكيد اتصلت: صدره البارد اشتعل دفعةً واحدة وهب كل شيء. ولكنها كانت قد حسمت الأمر، ويبدوا أن الكراهية أصبحت اقل مما تريد، لااكثر من الشفقة على رجل كان لمرة حبيبها ويبحث عن عزاء أخير.
سيلتقيان لاحقاً في مصادفات الحياة، كما يحدث عادةً للكثير من الناس ، وسيكون من السهولة أن يلتقيا في منتصف المسافة كشخصين ناضجين واختبرا الحياة طويلاً، ولكن من الواضح في لحظة كتلك أن ما سيتبقى بينهما هو التكلف، وانه ليس أمراً يسيراً أن يتصالح أي منهما مع الماضي. يُصبح من الملائم أكثر حينها الفرار سريعاً من بعض. تثبيت العينين بعيداً عن الوجه، وجعل التحية محايدة والكلام دون معنى. لن يكون الأمر أكثر من لقاء قصير ومنهك بين رجل وامرأة أحبا بعضهما سابقاً ولم يتبقى شيء لديهما.
نشرت في موقع جدار

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق